عدد الرسائل : 663 العمر : 38 متعصب مزاجي خفة دم : مزاجية على الاخر وخفة الدم من غير حدود خد بالك محدش ادي تاريخ التسجيل : 21/05/2008
موضوع: متحف في وسط مراكش الثلاثاء يونيو 09, 2009 12:51 am
متحف مراكشمتحف في وسط مراكش. يقع بالقرب من مدرسة بن يوسف الدينية، الذي بني في نهاية القرن التاسع عشر من قبل مهدي منبهي. تم استعادة القصر بعناية من قبل مؤسسة عمر بنجلون وتحويله إلى متحف في عام 1997. المنزل في حد ذاته متحف يمثل العمارة التقليدية، يشمل على حد سواء فنون حديثة وتقليديه جنبا إلى جنب مع الفن المغربي، من كتب تاريخية، فخار ، و قطع نقدية مغربيه. وهذه صور منه
وهذه أخرى
الوصول إلى متحف مراكش غالباً ما يتم عبر الأزقة الملتوية التي قد تنطلق بك من ساحة جامع الفنا، مع ما يحيط بها من تحف أثرية تتجاور في المكان وتقترب إلى بعضها بعضا على صعيد الغنى الثقافي والمضمون الحضاري، أمثال قصر أكفاي ودار بلارج، ومدرسة بن يوسف على بعد خطوات.
أما القبة المراكشية فتحفر أرضيتها لتربط العمق التاريخي للمدينة الحمراء بانتظار سياح حملتهم إلى المدينة القديمة مآثر أسر حاكمة تعاقبت على حكم المغرب فشيدت الصوامع والقصور والمارستانات، وامتدت في الجغرافيات المحيطة بها انتصارات عسكرية وبنايات انتهت شاهداً على عظمة ماض زاهر.
ويعود تاريخ قصر المنبهي، الذي صار يحمل اليوم اسم «متحف مراكش»، إلى القرن التاسع عشر، وكان شيده المهدي المنبهي، وزير الدفاع على عهد السلطان مولاي عبد العزيز (1894 – 1908). وكان المنبهي قد عمل بداية من عام 1901 سفيراً للمغرب لدى كل من ألمانيا وإنجلترا، قبل أن يقود في عام 1903، عبر محاولات متكررة، حملات المخزن (الحكم) ضد الثائر «بوحمارة»، لكن فشله في مهمته أفقده مكانته وحظوته لدى السلطان، وحين سيغادر مراكش في اتجاه طنجة، التي مات بها عام 1941، سيتحول القصر إلى ملكية صهره التهامي الكلاوي باشا مراكش الشهير. وبعد استقلال المغرب، عام 1956، سيتحول القصر إلى ملكية الدولة المغربية، حيث سيحتضن أول مدرسة للبنات بمدينة مراكش. لكن القصر، نظراً لعدم الاعتناء به، سيفقد توهجه، لتغلق أبوابه سنوات طويلة، حتى جاءت لحظة تحويله إلى متحف.
وتميز قصر المنبهي بأنه شيد على نمط البنايات الحضرية المغربية على مساحة 2000 متر مربع، وكانت تنتظم غرفه الأربع حول صحن مكشوف، فضلاً عن أنه كان يضم حماماً تقليدياً ودويرية وإسطبلاً. وكان الفناء الرئيسي للقصر، في الأصل، فضاءً مفتوحاً يضم أشجاراً مثمرة تنتظم حولها غرفه الأربع، بينها غرفتان متقابلتان، فيما كانت الأشكال المتنوعة من زليج وجبص وخشب تعكس أصالة وفتنة الفن المعماري المغربي الخالص، وهي أشكال صارت اليوم، تجذب انتباه الزوار، حيث تنسيهم لساعات ضجيج سيارات شارع جليز وصخب ساحة جامع الفنا.
ومع تحويل القصر إلى متحف، تمت تغطية الصحن المكشوف وزين بثريا كبيرة يبلغ وزنها 1200 كيلوغرام. ويعود فضل تحويل قصر المنبهي إلى متحف مراكش إلى عمر بن جلون، صاحب مؤسسة بن جلون، الذي كان محباً لجمع التحف النادرة من مخطوطات وكتب وحلي ومسكوكات ولوحات فنية وغيرها. وعمل بن جلون، في عام 1996، باتفاق مع وزارة الثقافة، على ترميم قصر المنبهي وتحويله إلى متحف أعطاه اسم مراكش، أعاد من خلاله كثيراً من الحركة الفنية والثقافية إلى قلب المدينة العتيقة. ولم يكتف بن جلون بترميم قصر المنبهي وتحويله إلى متحف، بل وقع مع وزارة الثقافة، في عام 1999، اتفاقية تم بموجبها ترميم «القبة المرابطية»، التي تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، ومدرسة بن يوسف، التي تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي. وإذا كان الحمام التقليدي يؤرخ لجزء من أسرار البيوت والقصور والمساكن المغربية في ما سبق من تاريخ البلد، فإن الدويرية تتميز بأنها كانت تضم مطابخ القصر. ويقوم المتحف في شكله وهندسته على بهو ومقهى ومكتبة تنفتح على باب تتصدره لوحة رخامية تؤرخ لتاريخ افتتاح المتحف، مع صورة تفصح عن ما بالداخل من روعة وجمال ونقوش وألوان.
ومع أولى خطواته، عند مدخل المتحف مباشرة، تواجه الزائر عبارة باللغة الفرنسية تقول: «الثقافة، الموسيقى... كلها أشياء تمدنا بشيء من السعادة، تماماً كما قال فولتير: قررتُ أن أكون سعيداً لأن ذلك شيء جيد بالنسبة لصحتنا الجسدية والنفسية». وبعد أن يجد الزائر نفسه مأخوذاً بما يؤرخ للفروسية العربية، من خلال بندقية تقليدية وسرج تقليدي بخيوط ذهبية وفضية يعود تاريخهما إلى نهاية القرن التاسع عشر، سيكون عليه أن يتهيأ لساعات من التيه بين تفاصيل معروضات المتحف وروعة المكان. وحتى يأخذ الزائر فرصته كاملة في الجمع بين بهاء المشاهدة ومضمون ما يُعرض تقترح عليه جدادات تعريفية خاصة، يتعرف من خلالها على تاريخ وشكل كل لون فني معروض. والواقع أن متحف مراكش، قبل أن يكون فضاء لعرض التحف، هو في الأصل وواقع الحال، معرض مستقل في حد ذاته، حيث نجول مع زخرفة وألوان تنقلنا لثقافة تعرف بالصانع التقليدي والفن المغربي، ويمكن القول إنه لوحة رسمت حيطاناً وجبساً وخشباً خلال القرن التاسع عشر. وقال محمد الحسناوي، أحد المسؤولين عن متحف مراكش، لـ«الشرق الأوسط» إن الغالبية العظمى من زوار المتحف هم أجانب، مشيراً إلى أن «نسبة المغاربة الذين يزورون المتحف لا يتعدون واحداً في المائة، أما العرب فإن نسبتهم لا تتعدى واحداً في الألف، معظمهم جزائريون أو تونسيون». والمفارقة، كما يقول الحسناوي إن «المغاربة المقيمون في الخارج، الذين يزورون المتحف، يقومون بذلك باقتراح من الأجانب، سكان بلاد المهجر، ممن سبق لهم أن زاروا المغرب، والذين غالباً ما يتحولون إلى مُعرفين بالثقافة المغربية للمغاربة المقيمين بالخارج، ممن بالكاد يستطيعون الإلمام ببعض من ذاكرة بلدهم التاريخية». ولاحظ الحسناوي أن بعض المدارس المغربية الخاصة صارت تقترح زيارات على طلابها، تجعلنا بصدد فهم جديد يقوم على تربية الذوق الفني والحرص على زيارة المتاحف. ويرى الحسناوي أن تدني نسبة المغاربة الذين يزورون المتاحف والمنشآت الثقافية والمآثر التاريخية هي مشكلة ثقافية أكثر منها مادية. «فالمغربي الذي يأتي لزيارة مراكش نهاية الأسبوع وخلال العطل مثلاً، قد ينفق 50 درهماً على جلوس بمقهى من دون أن يفكر في زيارة متحف تكلفه عشرين درهماً، فقط». وتوقف الحسناوي كثيراً عند الكيفية التي يتعامل بها الأجانب مع ما يُعرض في المتحف، قائلاً: «بعضهم قد يقضي ساعات متجولاً داخل المتحف، حتى أن منهم من يقف أمام لوحة أو تحفة أكثر من ربع ساعة من دون أن يمل مما يشاهده أو تنتقل عيناه إلى شكل فني آخر». وجرت العادة أن ينظم متحف مراكش معارض مؤقتة حول محورين رئيسيين هما الفن المعاصر والتراث الثقافي المغربي الإسلامي. وهي معارض غالباً ما تكون ذات مواضيع محددة تتضمن أعمالاً وتحفاً من مجموعة مؤسسة عمر بن جلون ومجموعات عمومية وخاصة، بالإضافة إلى إبداعات الفنانين المعاصرين
نأتي الان للجزء الثاني من الموضوع والذي يتحدث عن خرف فاس في متحف مراكش لاشك أن المصنوعات الخزفية تبقى من أُبرز وأهم مايبرز أصالة وروعة المنتوج للتقليدي المغربي. ورغم أن لكل منطقة من مناطق المغرب خصوصياتها الثقافية، التي قد تختلف قليلاً أو كثيراً عن بعضها، إلا أنها تلتقي كلها، في نهاية المطاف، في التقديم لموروث ثقافي متنوع في أشكاله وغني في مقوماته. وتحت عنوان «نظرات حول الخزف القديم بمدينة فاس» يحتــضن «متحف مراكش» معرضاً للخزف يضم مصنوعات خزفية تُبرز أصالة وروعة المنتوج الخزفي لمدينة فاس خلال فترات تاريخية تمتد ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وخلال الجولة مع الاطباق الصغيرة والكبيرة والجرار والاقداح، وغيرها من الاشكال الخزفية الفاسية يبرز تألق وغنى خزف فاس عن غيرها من المدن.
ويتضمن فضاء المعرض لمحات تعريفية وتاريخية تجعل الزائر يقترب مما يُعرض عليه أشكالا خزفية وتطوراً تاريخياً، حيث تمثل الأطباق، مثلا، أشكالا متنوعة مثل «الصحن» و«الطبسيل» و«المخفية» و«الكَصعة» و«الغطار» و«الطاجين»، وهي كلها من صنف أواني المطبخ، لكن استعمالها يختلف، فبعضها يستعمل للحاجيات اليومية فيما يخصص البعض الآخر لبعض المناسبات كالحفلات والأعراس. ومن هذه الانية، يقدم المعرض «المخفية»، وهي ذات شكل مقعر مخروطي بدون حاشية مع قاعدة ملتوية إلى الداخل، و«الغطار»، وهو ذو شكل مقعر بجوانب داخلية منخفضة ومنفرجة بحاشية وقاعدة حلقية تحتوي على ثقب أو اثنين للتعليق، و«الطبسيل»، وهو ذو شكل مسطح مقعر شيئاً ما مع قاعدة دائرية.
كما يقدم المعرض «الأقداح» أو «الزلافة»، وهي عبارة عن حويض صغير يستعمل غالباً للسوائل، وهو يصنف في ثلاثة أنواع مختلفة هي: «الزلافة» ذات شكل نصف دائري، وتتميز بقصرها وسمكها الغليظ وقاعدتها الحلقية، و«الزلافة» ذات شكل نصف دائري مع حافة مستقيمة وانعدام للقاعدة تقريباً، و«الزلافة» ذات شكل نصف دائري، وهي تتكئ على قاعدة صغيرة مستقيمة تتميز بارتفاع أكبر.
كما يضم المعرض الأطباق الكبيرة، التي تعتبر من أبرز وأجمل إبداعات فاس، وهي تستعمل خاصة في المناسبات، الشيء الذي ساهم في المحافظة على عدد مهم منها. وهي تصنف عموماً في نوعين أساسيين، هما الأطباق غير المقعرة والأطباق المقعرة. ويستعمل النوع الأول لتقديم أطباق الحفلات والولائم (المشوي والدجاج)، أما النوع الثاني فيستعمل لتقديم وجبات عجينية، نذكر منها «التْريد» و«الكسكس»، كما تستعمل أيضاً في تهيئة العجين. وتختلف تسميات الأطباق الكبيرة حسب أشكالها ووظائفها، حيث نجد «الطبسيل الكبير» و«الكَصعة» و«الجفنة» و«الكَصرية»، مثلا. أما «الجرة» أو «الخابية» فهي من نوع الجرار التي استُلهمت من بعض أواني الزنجبير الصينية، وهي تصلح لصيانة المواد المختلفة، إذ أن كلمة «خابية» تتضمن فعل خبأ، أي حافظ وصان. أما في الوقت الراهن فقد صارت تستعمل في التزيين والديكور، والخزفيون يصنعون هذه الأواني عند الطلب، فقط، معتمدين في ذلك على إعادة إحياء النماذج التقليدية. ويتجلى تفرد «الخابية» في تعدد رسوماتها، حيث تتميز المنتجات القديمة بزخرفها المنسجم.
وعلى الرغم من صعوبة رصد تاريخ نشأة صناعة الخزف بأول عاصمة عرفها المغرب، وبالعودة إلى الورقة التي وُضعت لترافق يوميات معرض خزف فاس في «متحف مراكش»، فإن بعض الفقرات القليلة والمتفرقة والمتضمنة في المصادر التاريخية، بالإضافة إلى ما تم العثور عليه في المواقع الأثرية، تثبت أن صناعة الخزف في فاس ترجع إلى أوائل العصر الوسيط. واستناداً إلى مؤرخي الحقبة الموحدية (القرن الثالث عشر الميلادي)، فقد كانت مدينة فاس تتوفر على أكثر من 180 محترفاً للخزفيات خارج أسوار المدينة. فابن زرع، في «روض القرطاس في أخبار مدينة فاس» (1325 ميلادية)، يذكر أن بداية استعمال الزليج في البنايات يعود إلى أوائل الدولة المرينية، ومن جهته يشير ابن خلدون (القرن الرابع عشر الميلادي) إلى أن هدايا السلطان المريني لمملوك مصر كانت تتضمن الخزف باعتباره أثاثاً ثميناً. أما في القرن الخامس عشر فقد ذكر حسن الوزان، خلال وصفه لمدينة فاس، أن صناعة الخزف كانت توجد بنفس المكان الذي توجد به اليوم، أي باب الفتوح. ومن المعروف أن هذا القرن، الذي تحدث عنه حسن الوزان، قد شهد تأثيرات ثقافية هامة بفعل استقرار عدد كبير من اللاجئين الأندلسيين بفاس من جهة، وتوجد البرتغاليين والإسبان ببعض مدن الساحل المغربي، من جهة ثانية. ويبدو صعباً رسم علاقة بين ما كشفت عنه الحفريات في المواقع الأثرية وخزفيات القرن السابع عشر (مع الدولة العلوية)، ليبقى افتراض أن الخزف المختوم قد أزيح لكي يحل محلة الخزف المغطى بطلاء أبيض مصبوغ. واستمرت صناعة هذا النوع من الخزف في مدينة فاس حتى عصرنا الحالي وكانت وراء نشأة خزف آسفي، الذي سيتميز في ما بعد بالتجديد على مستوى الأشكال والزخارف والألوان.